السبت، 5 سبتمبر 2009

إنفلونزا الخنازير بين الخوف والواقع

تشهد البلاد حاليا موجة قلق ورعب عند المواطنين البسطاء بسبب إنفلونزا الخنازير ، بينما تشهد المنتديات العمانية حمما بركانية تثير غضبا حول تصرفات وزارة الصحة والإعلام والأوقاف ( لا أدري ما دخل وزارة الأوقاف ؟ ) متهمة إياها بالتقاعس حول وقف هذا المرض الخطير وعدم توفير الدواء ، مهددة بأنه سيكتسح عمان غضون أيام البرد القاسية التي ستستمر من عشرة أيام إلى عشرين يوم في ظروف ارتفاع الحرارة السنوي ، مخلفة الآلاف القتلى والجرحى ، منهية بذلك الشعب العماني من الوجود عندما تصل الأمصال التي اشترتها وزارة الصحة مع بداية أبريل القادم.

هل أعجبتكم المقدمة ؟؟ وتظنون أني أمزح معكم بها ؟؟ في الواقع ليس بالضبط تماما ، ففي بعض المنتديات طالب أحدهم بإعلان حالة الطوارئ والتأهب عند الجيش ، و طالب أحدهم بإخلال بعض المراكز الصحية تأهبا لجموع المرضى التي ستستقبلهم البلاد في أيام البرد القارص ( 20 – 30 درجة سيليزية) ، بل أحدهم ندد وبشدة بتقاعس الحكومة في المسابقة لشراء الأمصال المضادة متهما الحكومة بالتقاعس بسبب أنها اشترت 50 ألف مصل لشهر أكتوبر القادم.

بينما كتب الآخرون صفحات طوال حول يومياتهم مع المرض ، وآخرون يروون مسلسلات الرعب التي تحصل في المراكز الصحية حول رفض الطبيب إعطاء بعض المرضى الدواء المضاد لأنفلونزا الخنازير.

بالفعل إنها حالة هستيرية تعم المنتديات ، وهي تدل على شيء واحد ألا وهو سطحية التفكير لدى الكثيرين ، وتقودهم هذه السطحية إلى الهلع والخوف غير المبرر.

دعوني أتكلم حول بعض النقاط ، عسى أن تتضح الصورة قليلا ، و يتبدد بعض الهلع الذي سيطر على عقولنا.

تأريخيا عرف العالم مرض إنفلونزا الخنازير عام 1918 بعد الحرب العالمية الأولى ، هذه العدوى كانت الأشد تأريخيا حيث حصدت 50 مليون شخص ، ولكن الأبحاث لم تؤكد علاقته بالخنازير.

بعد هذه العدوى ظهر عدة مرات ففي عام 1976 ، تم الإعلان عن إصابة 200 شخص، وأعلن عن حالة وفاة واحدة. وفي عام 1988 ، أصيب سيدة أمريكية حامل بالفيروس، وتلقت العلاج، لكنها توفيت بعد أسبوع.

وفي عام 2007 ، وردت أنباء عن إصابات بالفيروس في كل من الولايات المتحدة وإسبانيا.

ثانيا هل تعرف أن الإنفلونزا العادية ( الزكام + الحمى ) تودي بحياة ما بين 250 ألفاً إلى 500 ألف شخص سنوياً ، ركز في الأرقام واسأل نفسك كم شخص توفي حتى الآن في العالم بأسره من مرض إنفلونزا الخنازير ، حسب الإحصائيات منظمة الصحة العالمية وصل الرقم حتى الآن 2837 بتاريخ 4 سبتمبر .

ثالثا نأتي للتقرير منظمة الصحة العالمية حول المرض وذلك بتأريخ 12 – 8- 2009 حيث ورد في تقريرها :

وما زال يظهر على معظم المصابين بالفيروس الجائح، في جميع أنحاء العالم، الأعراض النمطية التي تظهر لدى الإصابة بالإنفلونزا ( العادية ) ، و ما زال يتماثل معظمهم للشفاء في غضون أسبوع واحد، حتى دون الخضوع لأيّ شكل من العلاج الطبي . ولا يجب إعطاء الأدوية المضادة للفيروسات للمرضى الأصحاء المصابين بحالات غير مصحوبة بمضاعفات .

وفي حالة الأطفال توصي :

وتوصي المنظمة بالتعجيل بإعطاء الأدوية المضادة للفيروسات للأطفال المصابين بحالات وخيمة أو الذين بدأت حالتهم الصحية تتدهور والأطفال المعرّضين لمخاطر الإصابة بحالات وخيمة أو حالات مصحوبة بمضاعفات. وتشمل هذه التوصية جميع الأطفال دون سن الخامسة، نظراً لارتفاع مخاطر إصابة هذه الفئة بحالات مرضية وخيمة.

ولا يجب، خلاف ذلك، علاج الأطفال الأصحاء الذين تتجاوز أعمارهم خمسة أعوام بالأدوية المضادة للفيروسات، إلاّ في حال استحكام المرض فيهم أو تفاقمه. “

بمعنى ثاني ما كل طفل فوق خمسة أعوام لازم يعطى أدوية مضادة للفيروسات لأن هذا يسبب لهم مضاعفات جانبية خطيرة.

نأتي الآن للقاح الذي تتسابق الدول لشراءه من أمريكا والذي تحتكره ثلاث شركات ، أولا اللقاح ليس فعالا 100 بالمئة ، بل نسبة النجاح هي 70 فما فوق ، ثانيا اللقاح غالي بدرجة كبيرة حتى سمعت أنه يكلف 80 ريال عماني ( بالمناسبة ستضاف هذه القيمة في أجور الحج هذا العام على حسب ما سمعنا ).

من وجهة نظري الشخصية ما فعلته وزارة الصحة معنا هو عين العقل 50 ألف تكفي وزيادة في الوقت الحاضر ، ومن المعلوم أن اللقاح سيرخص بكل تأكيد وستأتي شركات أخرى منافسة في هذا المجال ، وهذا بالفعل ما حصل حيث أعلن اليوم أن الصين نجحت في تطوير مصل أحادي ضد المرض ، وهناك أخبار عن شركة سويسرية تجري أبحاثها حول هذا الموضوع ، والقائمة ستأتي فلماذا العجلة و إهدار الأموال في مرض ليس مميتا ؟؟

و أعيد وأقول لكم أن المرض ليس خطيرا ، ولكن يجب أن ننتبه له بشكل جيد مثلما قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، ولنقلل من المخاشمة في المناسبات ( من الجنسين معا ) وخاصة العيد القادم .


هناك 5 تعليقات:

  1. السلام عليكم استاد فهد
    شو الاخبار ؟
    مبارك عليك على الشهر الكريم والمدونة الجديد وانها جات متأخرة

    الى صلب الموضوع
    كلامك في محله ارء المشكلة من وجهة نظري قل التوعية والتأثر بشائعات بشكر رهيب وللاسف ختى في الطبقه المفكره معنا
    جتى اني لدرجة سمعت ان عمان وصل ترتيبها 4 على مستوى العالم في الاصابة بهدا المرض..تخيل!!!!ههههه
    اعتقد ان هنالك تقصير حاصل بس عدم الاستعداد الجيد للمرض ولكن ليس كما يصفة البعض!
    الحكومة الرشيده قامت بتوعية الناس وطرف الوقاية من هدا المرض ولكن من المنفد
    هل رائت احدا يلبس كماما في المسجد او في المناطق الزدحمة ؟لا بطبع ...طرف مصافحة العمانين هل قلت ؟لا ..خشوم و...
    لهدا السبب نسبة الصابة بهدا المرض زائده في عمان بشكل ملحوظ؟؟لكن لمن يقع الاوم؟؟؟
    في الدول الاخري مثل بريطانيا نسبة الاصابه بدات تقل بسبب فهم وعي الناس

    ردحذف
  2. حياك فهد .. زين لقينا هذي المدونة ..

    ردحذف
  3. @ غير معرف :
    الله يبارك فيك ، بالفعل التوعية لها دور كبير و طرق الوقاية كثيرة ولكن أهم حاجة عدم الخوف والهلع.
    الخوف يسبب في تدهور الحالة أشد من المرض نفسه !!

    ردحذف
  4. @ معاوية :
    يا أهلا بيك في مدونتي ، عسى أن تعجبك بعض مواضيعها :)

    ردحذف
  5. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف